أم الجِمال.. لؤلؤة البادية الأردنية 

أم الجِمال.. لؤلؤة البادية الأردنية 


لم يتردد أصحاب القرار ضمن "اليونسكو" في الموافقة، مؤخرا، على إدراج تلك البقعة الساحرة ضمن قائمة التراث العالمي، فآثارها المدهشة التي تجمع بين مختلف العصور عبر أكثر من ألفي عام تجعل منها كاتمة أسرار الحضارات وشاهد عيان على إبداع البشر الذي يتحدى الصحراء. 
تلك هي "أم الجِمال"، لؤلؤة البادية الأردنية التي تقع شمال شرقي البلاد على بعد 86 كيلومترا من العاصمة عمان. 
تُعرف باسم "الواحة السوداء" نظرا للون الغالب على صخورها وحجارتها البركانية، لكن اللون الأخضر لا يجافيها تماما، فهو يوجد على تخومها عبر عدد من المزارع والأعشاب التي تعتمد في ريها على المياه الجوفية على نحو يحفظ لها شيئا من التوازن الحيوي.
أطلق عليها "أم الجِمال" لأنها كانت ملتقى القوافل، وتستريح فيها الجِمال بعد إرهاق السفر في رحلاتها عبر الدروب الصحراوية بين مختلف الدول، لا سيما سوريا والعراق، كما شكّلت بموقعها الجغرافي الفريد حلقة الوصل بين حضارات تدمر والآشوريين والبابليين والفراعنة.
تعد إحدى الحواضر الرئيسة الشاهدة على حضارة "الأنباط" وهم قبائل عربية ظهرت في القرن السادس قبل الميلاد، وشيدوا حضارتهم في الأردن وسيناء وأجزاء من شمال شبه الجزيرة العربية في القرن الثاني الميلادي.
احتلها الرومان لتصبح أحد المراكز التجارية المهمة في نشاطهم المكثف بالشرق، ثم تحولت إلى الديانة المسيحية في عهد البيزنطيين، وبني بها العديد من الكنائس منها "كنيسة جوليانوس" قبل أن يفتحها الأمويون في القرن السابع الميلادي.  يتنوع السحر في تلك المدينة التي تبوح بأسرار ممالك وإمبراطوريات متعاقبة، من استراحة نبطية للتجار المرتحلين إلى نقوش قديمة بالنبطية والسريانية واليونانية واللاتينية والعربية. وتخطف البوابات الحجرية الدهشة من عيون الزائرين، فضلا عن مقر الحاكم الروماني والمواقع العسكرية القديمة وأحواض جمع المياه.